موقع مدينة نابلس الالكترونية يتغيّر
زوار موقعنا الأعزاء!
لعلكم تلاحظون أن الموقع يتغير وأن العديد من الزوايا قد تم الغاؤها، وأن التركيز أصبح أكبر على المحتوى، لأن الغرض من موقع مدينة نابلس الالكترونية هو تقديم المحتوى المتقدم عن المدينة، فقد قمنا بحجب الكثير من المحتوى الغير منظم ويجري حالياً مراجعة كامل المحتوى وسيتم نشره تباعاً حسب وفرة الوقت للمحرر.

مدير ومؤسس الموقع: م. سامي الصدر

مقال اليوم
عدنان دويكات قضى شهيداً بعد إصابته برصاصة شطرت رأسه نصفين

 

عندما سأله أحد جيرانه عن وجهته قبيل استشهاده .. أجابه الشهيد عدنان و بكلّ ثقة : "إنني ذاهبٌ إلى شارع القدس لكيْ أستشهد .. فهل تودّ الذهاب معي ؟!" .. أيّ إيمانٍ هذا الذي يجعل من صاحبه ينعى نفسه قبل استشهاده و يدعو لمصاحبته إلى ساحة الوغى ؟!! .

 

الشهيد عدنان "محمد خيري" عزيز دويكات من سكان قرية بلاطة بلاطة البلد شرقي مدينة نابلس .. أبصر النور عام 1979 ليكون ثاني إخوته السبعة .. و التحق بمدارس قريته حتى أنهى دراسة الصف الثامن الأساسيّ ليترك بعد ذلك المدرسة سعياً للمساعدة في تحمّل أعباء الحياة عن والده الذي يعمل في البلاط ، فاشتغل شهيدنا في تنجيد المفروشات .

كلّ من عرف الشهيد عدنان كان عليه أنْ يحبّه و يحترمه .. و لم لا ؟ فقد عُرِف شهيدنا بعلاقاته الطيبة مع أهله و جيرانه .. كان خفيف الظلّ معروفاً بدعابته .. كان اجتماعياً لا يعرف الخلافات و المشاحنات .. وجهه بشوشٌ مفعم بالنضارة و الحياة .

أحبّ شهيدنا المسجد الأقصى المبارك ، فكان كثير التردّد عليه ، و كان في زيارةٍ له قبل أيامٍ معدودة على استشهاده رغم الحصار المضروب على مدن الضفة الغربية و رغم منع سلطات الاحتلال الصهيوني للفلسطينيين من دخول القدس المحتلة ناهيك عن وجود المسجد الأقصى في قلب المدينة المقدسة .. من هنا يتبيّن لنا كم كان للأقصى و للقدس من مكانةٍ في قلب شهيدنا .. فليس غريباً أنْ يقدّم نفسه شهيداً في سبيل الله دفاعاً عن مسرى نبيّه محمد صلى الله عليه و سلم الذي دنّسه شارون الإرهابي ، و ليس من قبيل الصدفة أنْ يختار شارع القدس مكاناً لاستشهاده .. فلربما أراد أنْ يقول للمسلمين في كلّ أنحاء العالم : إنْ أنتم بخلتم على القدس بدمائكم .. فها نحن نعبّد طريقها بدمائنا .

كان شهيدنا قد عقد قرانه قبل أيامٍ فقط على استشهاده .. و قام بنفسه بتوزيع بطاقات الدعوة لحفل الزفاف على الأهل و الأقارب .. و لم يعلم ساعتها بأنّه لا نصيب له في نساء الدنيا .. و إنما الحور العين في جنّةٍ عرضها السماوات و الأرض .

أصيب شهيدنا برصاصةٍ في يده خلال المواجهات التي شهدتها مدينة نابلس في منطقة قبر يوسف و شارع القدس قبل أيامٍ من استشهاده .. لكنّ شهيدنا ما لانت له قناة .. و لم يخلد للراحة .. بل ظلّت نفسه تتوق لذلك اليوم الذي يحمِل فيه شهيداً مدافعاً عن طهر أقصاه فكان له ما تمنى .. و لسان حاله يقول : "و عجلت إليك ربّ لترضى" .

و يوم أن أصيب بيده قال له أبوه ممازحاً : "لا ينفعك إصابة بسيطة في اليد ، و إنما إصابة في رأسك" .. و هذا ما كان بالفعل .

 

يوم الوداع :

جلس شهيدنا مع أفراد أسرته لتناول وجبة الغداء ثم ما لبث أنْ خرج من بيته مسرِعاً نحو شارع القدس حيث المواجهات و الاشتباكات على أشدّها ، عندها قابله أحد جيرانه في الطريق و سأله بدهشة : "إلى أين يا عدنان ؟!!" فأجابه شهيدنا بأنّه ذاهبٌ إلى شارع القدس لكي يستشهد ، و دعاه لمرافقته .

و في شارع القدس كانت المواجهات مشتعلة بين الشباب الفلسطينيين و الجنود الصهاينة ، و بدأ إطلاق النار بغزارة من قِبَل الصهاينة ، إحدى الدبابات المتمركزة على أحد التلال في قرية روجيب و المطلّة على شارع القدس بدأت بصبّ حممها و نيرانها على الشبان العزل ، فإذا بإحدى الرصاصات الثقيلة من عيار 800 تخترق رأس عدنان و تشطره نصفين و يتفجّر دماغه و تتناثر أشلاؤه على بعد عدة أمتار ليرتفع شهيدنا إلى عليين .

في هذه الأثناء كان أفراد أسرة الشهيد يشاهدون المواجهات على شاشة التلفاز فإذا بخبرٍ عاجلٍ يفيد أنّ شهيداً سقط في مواجهات شارع القدس ، و أنّ اسم الشهيد هو عدنان محمد دويكات .. فقالت الوالدة : "هذا ابني" ، و انتاب الوالد الشعور نفسه ، فما كان منه إلا أنْ قال : "حسبنا الله و نعم الوكيل .. إنا لله و إنا إليه راجعون" .. و عضّ على جرحه و كتم دموعه الحرّى و بدأ يهدّئ من روع زوجته و يقول لها : "ابنك مات شهيداً و هذا شيءٌ يرفع الرأس و نحن نؤمِن بالله و قدره" .

و في اليوم التالي خرجت جنازة مهيبة ضمّت إلى جانب شهيدنا أربعة شهداء آخرين قضوا في نفس المواجهات ، و دُفِن شهيدنا في مقبرة خلّة العامود في نابلس ..

يقول أبو رافع (والد الشهيد) : "الحمد لله الذي اختار ابني شهيداً من بين خلقه" ، و يضيف : "إنّ من أهمّ ثمرات استشهاد ابني عدنان هو أنّه ذكرنا بالله ، و الحمد لله فقد أصبحنا من الملتزمين بصلاة الجماعة بعد أنْ ضيعناها لسنوات" .

و لا يرى أبو رافع إلا بالانتفاضة طريقاً و العمليات الاستشهادية وسيلة لتحقيق الهدف المنشود و هو تحرير الديار و طرد الغزاة الصهاينة .. و يضيف أبو رافع قائلاً : "إنّ الشعب الفلسطيني هو وحده الذي يحدّد خياره .. فلو قتلوا منا المئات فسيأتي بعدهم الآلاف لمواصلة الطريق و استمرار المقاومة" .

هذا هو شهيدنا عدنان دويكات .. زهرة أخرى تضاف إلى بستان الشهادة الذي يتّسع يوماً بعد يوم .. و دليلٌ واضحٌ على وحشية الصهاينة و تعطّشهم للدماء .. لا يكتفون بقتلنا .. بل و يمزّقون أجسادنا .. و ينثرون أشلاءنا ، علّها تشبِع نهمَهم المتزايد للقتل و الإبادة .. و لكن لا ضير .. فما دُمْنا نؤمِن بأنّ الجنة هي مصيرنا وأنّ أرواحنا ترفرف في ربوع الجنان فيفعلوا ما يشاؤون ..

و لست أبالي حين أُقتَل مسلماً                  على أيّ جنبٍ كان في الله مصرعي

و ذلك في ذات الإله و إنْ يشأ                  يبارك على أوصـال شلوٍ ممـزّع

  

 

ماذا تعرف عن!
تصميم وتطوير: ماسترويب